Issues
//
Cinema

التعليم السينمائي في مصر

من يسد الفجوة؟

بقلم ماجد عاطف
تزداد سوق الإنتاج السينمائي العربي اتساعًا يومًا بعد يوم، ويزداد الطلب على المحترفين في مختلف تخصصاتها، مع ذلك تظل فرص التعليم السانحة أمام الشاب المصري أو الشابة المصرية محدودة، محصورة في عدة مقاعد، لا تتجاوز العشرات، في معهد السينما، وبضعة أماكن مرتفعة الكلفة في الجامعات الأجنبية، وعددًا من الورش القصيرة. هنا يرصد الصحفي "ماجد عاطف" وضع التعليم السينمائي في مصر، وآفاقه المستقبلية.

[فى عام ١٩٥٩] صدر قرار تأميم صناعة السينما، وبذلك انتقل ملف السينما وتعليمها برمته إلى يد الدولة المصرية. واليوم، بعد أكثر من خمسين عامًا من بدء التعليم الحكومي للسينما في مصر، وبعد أن باتت السينما المصرية تواجه منافسة في سوق عربية ظلت تكاد تحتكرها لعشرات السنين، أصبح من الضروري إلقاء نظرة شاملة على حال التعليم السينمائي في مصر، مساراته ومآلاته وأهم معوقاته، وعلاقة ذلك كله بالسلطة وسوق العمل.

من قبيل المفارقة، أن أول كتاب مصري لتعليم السينما وضعه رجل محافظ هو “محمود خليل راشد” العضو البارز بجمعية الشبان المسلمين ونائب مدير جمعية “منع المسُكرات” الذي أنتج فيلمه الأول ” الساحر الصغير” عام 1932 لتثبيط الناس عن شرب الخمور. 

برز اسم “راشد” في تاريخ “التعليم السينمائي” المصري من خلال كتابه “فجر السينما” (تاريخ النشر غير محدد). وبرغم سذاجة الكتاب بمعايير اليوم إلا أنه بمقاييس زمنه كان محاولة جيدة لتعليم السينما بما يحتويه من تعريفات وتعليمات تتعلق بالعديد من جوانب صناعة السينما، فضلًا عن إعطاء دروس أولية في كيفية كتابة السيناريو، وإدارة موقع التصوير، وتحريك الممثلين. وبرغم احتواء الكتاب على الكثير من التعليمات الأبوية التربوية، ودعمه لفكرة وجود الرقابة لحماية الأمة مما قد يضر بأخلاقها، لكنه يظل محطة هامة في مسار قطار التعليم السينمائي المصري. مع ذلك، فقد ظلت الوسيلة الأبرز والأرقى لتعليم السينما هي البعثات الخارجية، التي لعب رائد صناعة السينما “محمد بيومي” دورًا بارزًا فيها عبر إقناعه “طلعت حرب” بتمويل العديد منها من خلال استديو مصر. 

وفي عام 1959، في ظل المد الاشتراكي المهيمن، قررت السلطة وضع يدها على صناعة السينما وتوجيها في إطار السياسة العامة للدولة، فأنشأت “المعهد العالي للسينما”، وبعد أربعة أشهر فقط من إنشائه، صدر قرار تأميم صناعة السينما، وبذلك انتقل ملف السينما وتعليمها برمته إلى يد الدولة المصرية.

واليوم، بعد أكثر من خمسين عامًا من بدء التعليم الحكومي للسينما في مصر، وبعد أن باتت السينما المصرية تواجه منافسة في سوق عربية ظلت تكاد تحتكرها لعشرات السنين، أصبح من الضروري إلقاء نظرة شاملة على حال التعليم السينمائي في مصر، مساراته ومآلاته وأهم معوقاته، وعلاقة ذلك كله بالسلطة وسوق العمل.

حين نتحدث عن التعليم السينمائي في مصر نقصد عادة “دراسة صناعة السينما”، وهي الدراسة المعنية بتعليم الحرفة السينمائية بغية إنتاج كوادر فنية متخصصة في مجال السينما، من مخرجين ومصورين وكتاب سيناريو، إلخ. ويجري ذلك في معهد السينما بالأساس أو في الجامعات الخاصة أو الورش المتخصصة.

لكن هناك نوع ثاني من التعليم السينمائي يعرف باسم “الدراسات السينمائية” هو تعليم مهتم بتكوين باحث/ناقد متخصص في مجال النظريات السينمائية وجمالياتها وتحليلها. هذا النوع من التعليم السينمائي شبه غائب عن مؤسساتنا التعليمية.

معهد السينما.. رمز هيمنة الدولة

ولنبدأ بتعليم “صناعة السينما”، التي تتركز أساسًا في المعهد العالي للسينما، أحد معاهد “أكاديمية الفنون” التابعة لوزارة الثقافة المصرية. فلسفة إنشاء معهد السينما في الحقبة الناصرية كانت إحكام سيطرة الدولة على الفنون والاتجاه بها اتجاهًا قوميًّا على غرار المعاهد الثقافية الروسية، والتي كانت النموذج المثالي للدولة حينها. أراد النظام إنتاج فن “رسمي” يرتقي بذوق الجماهير من ناحية، ويوجههم صوب الاتجاه الوطني الصحيح من ناحية أخرى، ولذلك حرصت الدولة على مأسسة الفن وتأميمه. هكذا ظل المعهد لسنوات طويلة هو الجهة الوحيدة التي “تعلم” السينما في مصر.

“صحيح لم يعد المعهد محتكر التعليم السينمائي في مصر، لكنه يظل المكان الأكثر تخصصًا حتى يومنا هذا “، هكذا تستهل الدكتورة ثناء هاشم أستاذ السيناريو بمعهد السينما حديثها معنا عن حال المعهد اليوم، مضيفة: “رغم تدريس السينما في بعض الجامعات الخاصة مؤخرًا، يظل المعهد الأكثر تخصصًا وتعمقًا في الدراسة، حيث يختار الطالب قسمًا من الأقسام الثمانية وهي: الإخراج، السيناريو، الإنتاج، المونتاج، هندسة المناظر، هندسة الصوت، الرسوم المتحركة، التصوير. ويمضي الطالب سنوات الدراسة الأربع في القسم الذي اختاره، على خلاف الجامعات الخاصة التي يدرس الطالب بها دراسةً عامة بلا تخصص محدد”.

تستطرد هاشم في حديثها عن نظام التعليم داخل المعهد العالي للسينما قائلة: “يقبل كل قسم في حدود 8 طلاب سنويًّا، ومؤخرًا استحدث نظام “التعليم الموازي” بالمعهد، الذي يعطي الفرصة لمن فشل في الالتحاق بالمعهد سواءً لأسباب عمرية أو لعدم حصوله على المجموع المطلوب، أن يلتحق به نظير مصاريف مالية تتراوح ما بين 30 إلى 40 ألف جنيه سنويًّا بحسب القسم”.

لكن، ماذا عن كفاءة التعليم بالمعهد؟ تقول هاشم: “بالطبع النظام التعليمي بالمعهد به مشاكل حقيقية تظهر بوضوح في تدهور مستوى مشاريع التخرج. وفي رأيي يعود ذلك لعدة أسباب منها تحجّر المناهج، وتدهور مستوى الأساتذة، لكن أخطرها هو فرض الرقابة على الطلبة، فلعقود طويلة ظلت مشاريع التخرج مساحة حرة لإبداع طلاب المعهد، لكن منذ بداية الألفية الجديدة تقريبًا أصبحت مشاريع التخرج تعرض أولا على “الرقابة على المصنفات الفنية” قبل العرض على لجان التحكيم، وأصبح الأساتذة يمارسون رقابة مسبقة على المشاريع قبل إرسالها للرقابة بحجة “حماية الطلبة” والحقيقة أنهم يحمون أنفسهم، وبذلك فُرضت على الطلبة رقابة مزدوجة”.

لكن إذا كان معهد السينما فقد ميزته النوعية كجهة وحيدة تقدم “التعليم السينمائي” في مصر بظهور أماكن أخرى تقدم الخدمة نفسها بصيغ مختلفة، فلا يزال يمتلك ميزة بصفته البوابة الـمَلَكية لدخول نقابة المهن السينمائية؛ الجهة المسؤولة عن منح تصاريح العمل في مصر.

يروي لنا المخرج السينمائي “عمرو سلامة” قصته مع مشكلة تصاريح العمل قائلًا: “بصفتي لست من خريجي معهد السينما واجهتني مشكله مع نقابة المهن السينمائية في الحصول على تصريح عمل لفيلمي الأول، دخلنا في صراع ومعارك إعلامية وبعد مفاوضات مطولة وافقت نقابة السينمائيين على منحي تصريح لفيلم واحد فقط مقابل 150 ألف جنيه. المفارقة أن أجري عن الفيلم حينها كان 30 ألف جنيه، أي أنهم طالبوني بخمس أضعاف أجري للحصول على تصريح العمل. وتكرر الأمر مع فيلمي الثاني، حيث طالبتني النقابة بـ 120 ألف جنيه في حين كان أجري حينها 100 ألف جنيه”. 

تحسنت الشروط الآن، وأصبحت أيسر على القادمين من خارج المعهد، لكنه يظل أقصر الطرق لدخول النقابة والحصول على تصاريح العمل. مع ذلك، تتبقى الفجوة واسعة. في عام 2019 أنتجت السينما المصرية 33 فيلمًا، منها 10 فقط من إخراج مخرجين من خريجي معهد السينما، بنسبة تقل عن 30%. أما حصة كتاب السيناريو من خريجي المعهد في سوق الأفلام المصرية فلم تتجاوز 5% في السنة الأخيرة، وفقًا لإحصاء الدكتورة ثناء هاشم.

مع ذلك، يمتلك السوق طرقه لسد الفجوات، وإنتاج المحترفين. فمع تصاعد الإنتاج السينمائي (علاوة على الإنتاج الدرامي، وإنتاج البرامج، والأغاني، والإعلانات وغيرها)، كان لا بد من ظهور روافد جديدة لسد الفجوة بين العرض والطلب. هكذا عرف سوق التعليم السينمائي “الجامعات الخاصة” و”الورش الفنية”.

الجامعات الخاصة

لدينا الآن ثلاث جامعات خاصة تدرس السينما بشكل مغاير لـ”المعهد”، وتمنح درجة البكالوريوس لخريجيها، ما يؤهلهم للعمل في المجال، وهي الجامعة الأمريكية، والجامعة البريطانية، والجامعة الألمانية. ورغم ارتفاع مصروفاتها التي تصل إلى 500 ألف جنيه في السنة الواحدة، فهي تتميز، في المقابل، بارتفاع مستوى الأساتذة، وتطور المناهج، فضلًا عن مساحة الحرية الكبيرة الممنوحة للطلاب في إبداعهم.

لكن في المقابل، ما زال معهد السينما يتميز بتخصص طلابه من اليوم الأول في حرفة واحدة من حرف الصناعة، إضافة إلى ميزة أخرى وهي أن الطلبة لديهم فرصة، ولو محدودة، للتصوير على أفلام 16مم و35 مم، الأمر الذي يمنحهم مساحة إبداعية أكبر في جماليات الصورة.

“هناك شق اقتصادي في القصة لا يمكن إغفاله” هكذا يبدأ المخرج السينمائي “أحمد ماهر” مدير مركز Escape Home السينمائي حديثه معنا عن السوق واحتياجاته، شارحًا: “معهد السينما هو أحد الأماكن النادرة في مصر التي يضمن فيها الأهالي لأبنائهم العمل أثناء الدراسة، وأنا أتحدث هنا عن أقسام محدده مثل التصوير والمونتاج، فمثلًا طالب التصوير يمكنه النزول للعمل كمساعد تصوير بدءًا من الصف الثالث ويحصل على أجر أسبوعي يتراوح ما بين سبعة إلى عشرة آلاف جنيه.

“وتلك هي الأقسام التي يحتاج إليها السوق فعليًّا، والمقصود السوق بمعناه الواسع (دراما- سينما- إعلانات- برامج)”. مع ذلك، تظل احتياجات السوق “تقديرية”. يقول ماهر “نحن لا نعرف خطة إنتاج العام المقبل، ولا عدد العاملين في كل قطاع، ولا نسبة العجز، الأمور ماشية “بالبركة”. نحن نعرف فقط أن الإقبال على “دراسة” السينما أكبر بكثير من المعروض”.

أما الدكتور مالك خوري، رئيس قسم السينما بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، فيعلق قائلًا: “دراسة السينما هي بالأساس شغف وعشق، فضلًا عن كونها مترسخة في الأذهان عالميًّا كواحدة من أوسع الأبواب للشهرة والثراء، وعليه فطلاب السينما حين يأتون لدراسة ذلك الفن لا تكون لديهم تصورات كاملة عن السوق واحتياجاته، وتلك النقطة ليست هي الأساس في اختيارهم أصلًا. رغم ذلك، تشير الأرقام إلى أن ما يقرب من 90% من خريجي قسم السينما بالجامعة الأمريكية يجدون فرصًا في سوق السينما المصري. الفيصل في العمل، إذن، هو جودة التعليم وجاهزية الفرد ليس تشبع السوق من عدمه”. 

في إشكاليه السوق واحتياجاتها لطلاب جدد من عدمه يرى “محمد حسين” الباحث السينمائي أن الحديث عن “السوق” بمعناه القاصر على السوق المصري كلام غير دقيق، “فنحن اليوم إزاء سوق أوسع من مصر يشمل الخليج والمغرب العربي، تلك الأسواق تعتمد على الأطقم الفنية المصرية باستثناء المخرجين الذين، لأسباب تتعلق بالوجاهة الوطنية، يفضل أن يكونوا من أبناء الوطن ذاته، أضف إلى ذلك سوق محتوى “الأونلاين” والإعلانات وكلاهما محتوى ضخم ويزداد ضخامة يومًا بعد يوم. لذلك ما يُقال عن تشبع السوق وعدم الاحتياج لأماكن دراسية جديدة هو حديث غير دقيق بالمرة”.

الملاذ الأخير

نجحت الجامعات الخاصة في تلبية احتياجات الطبقة الأكثر ثراءً القادرة على دفع مصاريف تتجاوز المليون جنيه لتعليم أبنائها السينما، لكن ظلت الطبقات الوسطى والأدنى تبحث لها عن باب خلفي لدخول عالم السينما الساحر، ولذلك ظهر التعليم الموازي الأبسط والأقل كلفة، والذي يمكن تقسيمه إلى ثلاث مستويات حسب نوعية الدراسة ومستواها.

المستوى الأول هو التعليم الأونلاين: مازال موقع “المدرسة العربية للسينما والتلفزيون” هو التجربة الأكثر جدية وانضباطًا بلا منافس على ذلك الصعيد. وقد تأسست تلك التجربة على يد الدكتورة منى الصبان عام 2005 بدعم من صندوق التنمية الثقافية، وفكرتها هي رفع مناهج شبه متكاملة بشكل مجاني على موقع المدرسة في تخصصات (السيناريو – الإخراج – التصوير – المونتاج – الصوت – الإنتاج – الرسوم متحركة)، جنبًا الى جنب مع رفع العديد من الكتب والأبحاث، ومجموعة من الأفلام.

المستوى الثاني هو الأكاديميات/المدارس. وأبرز تلك الأكاديميات هي: (أكاديمية بدرخان – أكاديمية الميهي- دورة الجامعة الفرنسية – قسم الدراسات الحرة بمعهد السينما – مدرسة الجزويت). والقاسم المشترك بين تلك الأماكن هو تقديم دراسة منتظمة تتراوح مدتها بين عام وعامين، وباستثناء الجزويت التي تقدم تلك الخدمة بشكل مجاني، فجميعها تطلب مصروفات ليست في متناول الجميع، لكنها تظل أقل بمراحل من الجامعات الدولية. وتعتمد تلك الأكاديميات/المدارس بالأساس على محاضرين قادمين من السوق. كما يساعد بعضها خريجيه على الانضمام كأعضاء “منتسبين” في نقابة السينمائيين، مثل “أكاديمية الميهي” (التي توقفت بها الدراسة الآن)، وبرنامج الجامعة الفرنسية.

أما المستوى الثالث فهو الورش الفنية، وهو المستوى الأدنى سعرًا والأقل من حيث مدة الدراسة. وعادة ما تتخصص الورشة في أحد المهن السينمائية، وتتراوح مدتها بين شهر إلى أربعة أشهر. وثمة اتفاق ضمني بين مرتادي تلك الورش على أنها لا تقدم الكثير على الصعيد التعليمي (باستثناء ورش السيناريو، ذات الطبيعة النظرية بطبيعة الحال). مع ذلك فهي تشهد إقبالًا كبيرًا لما تتيحه من فرص لإقامة علاقات مع مقدم الورشة، الذي يكون أحيانًا أحد نجوم السوق، على أمل العمل معه لاحقًا. وهو ما يحدث في حالات استثنائية.

وبعيدًا عن الصناعة السينمائية نفسها، ثمة تدريب أخرى يُعرف بـ”الدراسات السينمائية”، ويعنى بإخراج باحث أو ناقد أو “صانع سينما” مدرك لنظريات السينما وجمالياتها وتحليلها، وقادر على ربط ذلك بشكل أعمق بعلوم إنسانية واجتماعية أخرى. هذا النوع من الدراسات شبه غائب عن المؤسسات التعليمية المصرية، ربما لأنه يقتضي تداخل أكثر من عِلم، وهو منطق مغاير لمنطق التعليم الأحادي السائد. 

الدكتورة سلمى مبارك أستاذة الأدب المقارن بآداب القاهرة ومؤسسة “شبكة آمون للباحثين في الأدب والسينما” تقول: “العائق الأساسي للدراسة السينمائية في الكليات المصرية هي أن الفكرة في حد ذاتها ليست مستوعبة بعد من المجتمع العلمي. يعتقد القطاع الأوسع من الأكاديميين أن الدراسة السينمائية دراسة “مهنية” احترافية، لا ترتقي إلى مصاف الدراسات الأكاديمية. لكن الأمور بدأت تتحسن قليلًا مؤخرًا، فكلية الآداب بجامعة القاهرة، التي سبق وأن رفضت ترقيتي إلى أستاذ مساعد لأن دراسة الدكتوراة الخاصة بي كانت عن “الأدب والسينما”، أصبحت الآن تقدم دبلومتين متعلقتين بالدراسات السينمائية: دبلوم التنمية الثقافية ودبلوم دراسات الابداع. ومؤخرًا حدث تغيير في لوائح كليات الآداب على مستوى الجمهورية، أضيفت فيه مادتا “السينما” و”الفن التشكيلي” إلى المواد الاختيارية الفنية التي تدرس في كلية الآداب. وأنا أعتبر ذلك نقلة نوعية عظيمة في مسار تعليم الدراسات السينمائية في مصر”.

أما الدكتورة ايمان عز الدين الأستاذ بقسم الدراما والنقد المسرحي بكلية الآداب جامعة عين شمس -وهو القسم الوحيد بالجامعات الحكومية المصرية الذي يدرِّس مادة النقد السينمائي كمادة أساسية- فتعزو غياب “الدراسات السينمائية” عن المؤسسات التعليمية المصرية الى ندرة الكوادر القادرة على تدريس ذلك العلم.   

 لكن إذا كانت الجامعات المصرية لا تهتم بذلك الفرع من العلوم إما للجمود الفكري أو لندرة الكوادر، فالمدهش أن الجامعات الدولية في مصر، والتي يفترض أنها امتداد للجامعات الغربية التي قطعت أشواطًا كبيرة في مجال تقدير “الدراسات السينمائية” لا تهتم أيضًا بذلك المجال. فباستثناء الجامعة الأمريكية التي تشتبك مع الدراسات السينمائية بشكل منفرد بغية إنتاج باحث أو ناقد سينمائي جيد، تتجاهل بقية الجامعات الخاصة والدولية في مصر ذلك الفرع تمامًا، شأنها شأن الجامعات الحكومية.

مؤخرًا، بدا أن بعض المسؤولين قد التفتوا إلى أهمية “سوق الإنتاج” السينمائي، وأُعلن عن توقيع بروتوكل بين وزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة لإنشاء أول مدرسة متخصصة في صناعة السينما والفنون في مصر، ضمن خطة “مدارس التكنولوجية التطبيقية”، والتي ستتيح تخصصات فنية نادرة ترتبط بصناعة الفنون والسينما، مثل الكاميرات، وفنون التصوير، والرسوم المتحركة، والإضاءة، والموسيقى، والخدع، والملابس الفنية وغيرها. ولعلها خطوة تتبعها خطوات أخرى لسد الفجوة الهائلة في سوق الإنتاج الفني السينمائي والتلفزيوني والرقمي في مصر ومنطقة الشرق الأوسط.

رسوم: طارق عبدالقوي