Issues
//
Cinema

من المقهى إلى المنصة الرقمية

قاعات السينما تصارع من أجل البقاء

بقلم إيهاب التركي
فاقمت أزمة "كورونا" من المنافسة التي تواجهها دور العرض السينمائي أمام المنصات الرقمية التي تزداد تطورًا وجودة يومًا بعد يوم. وبينما يتباكى صناّع السينما على تراجع عدد السينمات، وحجم قاعات العرض، وانكماش عدد المشاهدين المتحمسين لـ"خروجة" السينما، تتعامل الصناعة نفسها مع الأمر الواقع، وكأنها تقول إن "دار السينما" ليست إلا "منصة توزيع" للمنتَج الدرامي الأساسي، فإذا كان الزمن سيتجاوزها فذلك مصير كل شيء، ومصيرنا أن ننتقل إلى المنصات الأحدث. يستعرض لنا الصحفي والناقد إيهاب التركي هذا التحدي وانعكاسه على السوق المصري والعربي.

في النهاية مصير فيلم السينما العرض في المنصات الرقمية، ولكن قاعة العرض ستستمر، مثل المسرح الذي لا زال موجودًا منذ عصر شكسبير، وبحسبة عملية أكثر أجد جمهور المنصة أضعاف أضعاف جمهور السينما، ووجود الفيلم على المنصة طويل وخالد مقارنة بعدة أسابيع فى قاعة عرض، وأتمنى أن يفكر منتجو السينما في استثمار ميزانيات أفلام الأكشن المستنسخة من أفلام هوليوود، وصناعة أفلام درامية محدودة التكاليف لصالح المنصات الرقمية.

إبراهيم عيسي

في البدء كان المقهى أول دار عرض للأفلام، كان اختيارًا ترويجيًّا ذكيًّا للأخَوان لوميير؛ فقد ذهبا إلى جمهور صالة “جراند كافيه” في باريس باختراعهم الفني الجديد في ليلة شتوية من ليالي شهر ديسمبر عام 1895. بعدها استعارت شركات التوزيع شكل المسرح لعرض الأفلام على شاشة كبيرة الحجم وسط جمهور كبير العدد. اليوم يذهب الفيلم مباشرة إلى الجمهور أينما كانوا، عبر الإنترنت والمنصات الرقمية المتعددة، وتشهد قاعات العرض السينمائي موجة جديدة من التحدي، ظاهرها تداعيات الغلق والتباعد الإجتماعي بسبب فيروس كورونا، وباطنها أعمق من ذلك الظرف الطارىء.

“لابد أن جمهور قاعات السينما في اشتياق للنزول من البيوت بعد شهور العزل، والذهاب لمشاهدة الأفلام في السينما”،

هذا الافتراض السطحي سيطر على حسابات شركات الإنتاج المصرية والعالمية، وبعد موجة من التأجيلات المتتالية في هوليوود، لم ينجح فيلم كريستوفر نولان Tenet في إنعاش شباك التذاكر تماماً، وأغلقت سلاسل دور العرض العالمية مثل Regal إلى أجل غير مسمى بداية من شهر أكتوبر.

في مصر كانت صناعة السينما تشهد الأزمة نفسها، وكان الفيلم المصري “صاحب المقام” (إنتاج أحمد السبكي وإخراج محمد جمال العدل) حائراً بين عرض غير مضمون النجاح في دور السينما، وعرض مقابل مبلغ مالي كبير على منصة “شاهد” الرقمية. في النهاية فاز الحل الاقتصادي المضمون، وعُرض الفيلم على “شاهد” فى عيد الأضحى، ليكون أول فيلم مصري يعرض على منصة رقمية حصريًّا بدلًا من قاعات العرض كما كان مخططًا. خلال أيام العيد الأولى حقق الفيلم عشرين مليون مشاهدة، وهو رقم لم يكن له حتى أن يقترب من تحقيقه في دور العرض.

الاحتياج إلى الخيال

“العاملون في حقل صناعة السينما المصرية يفتقرون إلى الخيال”.

بهذه الجملة حاول “إبراهيم عيسي”، كاتب سيناريو  “صاحب المقام” تلخيص تجربته مع عرض الفيلم على منصة رقمية،  ولكنه عاد يقول بحماس: “في النهاية مصير فيلم السينما العرض في المنصات الرقمية، ولكن قاعة العرض ستستمر، مثل المسرح الذي لا زال موجودًا منذ عصر شكسبير، وبحسبة عملية أكثر أجد جمهور المنصة أضعاف أضعاف جمهور السينما، ووجود الفيلم على المنصة طويل وخالد مقارنة بعدة أسابيع فى قاعة عرض، وأتمنى أن يفكر منتجو السينما في استثمار ميزانيات أفلام الأكشن المستنسخة من أفلام هوليوود، وصناعة أفلام درامية محدودة التكاليف لصالح المنصات الرقمية”.

من المدهش أن يكون فقر الخيال أزمة صناعة وقودها الخيال، ولكنها قد تُفاجئنا بقدرتها على تجاوز الأزمة، فقد نجت قاعات العرض المصرية في العقود الأخيرة من أزمات هددت وجودها بصورة أو أخرى؛ فتجاوزت مخاوف الستينيات التي بدأت بمنافسة التليفزيون الحكومي في بداياته، وتحملت سنوات تأميم صناعة السينما، وتوقف إنتاج الأفلام بعد هزيمة 1967، وفي الثمانينيات قاومت ظاهرة أفلام المقاولات الرديئة التي كانت تُطبع حصرياً علي شرائط الفيديو، وانتشرت ظاهرة الحفلات التي تعرض أكثر من فيلم بنفس التذكرة، وفي التسعينيات ظهرت القنوات الفضائية المفتوحة والمشفرة على أجهزة الريسيفر. وحتى الآن تكافح دور العرض من أجل مقاومة خسائر إيرادات الأفلام بسبب قرصنة الأفلام على مواقع الإنترنت لتبادل الملفات (P2P)، وظهور مواقع قرصنة منظمة ونشيطة تعرض أحدث الأفلام والمسلسلات للتحميل أو المشاهدة مجاناً، مثل Egybest بالإضافة إلى وصلات الدش المركزية المنتشرة بعشوائية في شوارع المحافظات المصرية، وأخيرًا ظهور تقنية (IPTV) لبث محتوى القنوات الفضائية المشفرة عن طريق الإنترنت، وباشتراك شهري يقل عن ثُلث ثمن تذكرة السينما التي بلغ متوسط سعرها 75 جنيهاً مصرياً.

تُنافس شاشة التليفزيون دور العرض، لأن كل الوسائل البديلة السابقة تصل عبر شاشة التليفزيون، وبصورة أقل شاشات الكمبيوتر والآيباد والهواتف الذكية، وأصبح بناء دور عرض الأفلام الضخمة المستقلة التي يذهب إليها الجمهور نادراً، والقديم منها يتقلص كل يوم، ولكن لا يتوقف بناء القاعات الفاخرة، وإن كانت محدودة الكراسي، في المولات التجارية، والهدف الوصول إلى الجمهور على طريقة الأخوان لوميير والمقهى الباريسي.

من الحلول المصرية الطريفة لإنشاء قاعة سينما مختلفة، فكرة شاب مصري أنشأ “سينما نيلية” بمنطقة سور كورنيش المعادي بالقاهرة عام 2018، وكانت فكرته تقوم على جلوس الجمهور على قوارب الصيد الصغيرة، ومشاهدة الفيلم على شاشة مُثبتة على سور الكورنيش، وحدد سعر 150 جنيه للتذكرة، ولم تنتشر الفكرة وقتها، ولكن عادت سيرتها في فترة حظر الكورونا، كبديل إقتصادي يعوض غلق قاعات السينما، و بعيدًا عن سطح النيل تبدو سينما السيارات بديلًا ملائمًا للقاعات المغلقة وقت حظر الكورونا، وقد ظهرت في مصر في حقبة التسعينيات، لكن أصوات محافظة عارضت فكرة تواجد شباب من الجنسين داخل سيارة مغلقة في ساحة مظلمة، واختفت الفكرة قبل أن تعيدها بعض المولات المصرية مؤخرًا كبديل آمن عن قاعات العرض العادية.

سينما أي ماكس

الابتكارات العالمية لدور السينما أكثر تعقيدًا وتكلفة من فكرة مثل السينما النيلية، وهى تسعى لتغيير ثقافة صناعة ومشاهدة الفيلم، وقد ابتكرت شركة “آيماكس” (IMAX) الكندية قاعات سينما تعرض الأفلام بدقة تفوق مثيلتها في الفيلم الـ35 ملم، على شاشات عملاقة، ويتم تصوير أفلامها بكاميرات خاصة، وفي مصر توجد قاعة عرض “آيماكس” واحدة في مول تجاري بمدينة الشيخ زايد بالجيزة، وتحتكر محافظات “القاهرة” و”الأسكندرية” و”الجيزة” العدد الأكبر من قاعات العرض المتطورة، وبعضها يعرض الأفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد (3D)، وأيضاً تقنية (D-BOX) وهى متاحة في قاعتين بالقاهرة والإسكندرية، وتقدم التقنية تجربة محاكاة الروائح والضباب والدخان والبرق والمطر وحركة مقعد المشاهد، وتزيد قيمة تذاكر هذا النوع من السينما بنسبة لا تقل عن 40% عن قيمة تذاكر السينما العادية، لكنها تقدم خبرة تعجز شاشة التلفزيون والمنصات الرقمية عن مضاهاتها.

إيرادات السينما

حققت دور العرض المصرية حوالي مليار جنيه مصري إيرادات السينما خلال عام 2019، وهو رقم غير مسبوق، ولم تدخل في حساباته أرباح الأفلام فى العرض خارج مصر، وأرباح البيع للقنوات التليفزيونية والمنصات الرقمية، ووسائل عديدة أخرى. ويكشف تأمل هذا الرقم وجهًا آخر لأزمة السينما التى لا تمتلك استراتيجية اقتصادية واضحة، حيث تعتمد جل إيراداتها على مواسم عرض قصيرة، مثل عيدي الفطر والأضحى، وإجازة منتصف العام الدراسي. فحين ننظر إلى رقم الإيرادات السابق نجده يعتمد على نجاح خمسة أفلام حققت ما يقرب من نصف الإيرادات، من إجمالي 33 فيلمًا أنتجتها السينما المصرية في 2019، وخلال مواسم العرض المحدودة يتزاحم هذا العدد القليل على حجز قاعات العرض القليلة في القاهرة والإسكندرية كما في لعبة الكراسي الموسيقية، ولا تجد بعض الأفلام مكاناً لها، والمحافظات المصرية الأخرى بعيدة عن هذه الحسابات تمامًا.

أرقام دور العرض في القرى ومحافظات الصعيدة قليلة للغاية، وهذا القليل هو بقايا دور عرض قديمة لا تصلها الأفلام الحديثة، وقد تناول تقرير أصدره الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عام 2016 هدم حوالي 75,8% من دور العرض المصرية (تقلص العدد إلى 65 دار عرض في 2016 مقارنة بـ269 فى 2013)، وخلت 8 مدن من بينها محافظات الصعيد ومطروح وشمال سيناء من أى دور عرض، وهناك 9 محافظات أخرى تحتوي كل منها على دار عرض واحدة، ويمكن أن نتفهم أن هذا السوق الذي فشلت السينما في الوصول إليه لا يشاهد إلا الأفلام المقرصنة على مواقع الإنترنت، وسيكون جزءًا هامًا من حسابات سوق المشاهدة للمنصات الرقمية بعد تطور البنية التحتية للإنترنت في مصر.

نتفليكس والاستراتيجية طويلة الأمد

سهولة أن تكون في حديقة في أستراليا وتشاهد فيلما وثائقيا مصريا. تصوير: دينا توفيق.

زيادة سرعة الإنترنت ساهم في نجاح شبكة “نتفليكس” في مصر، بالإضافة إلى سعر اشتراكها الشهري المعقول (حوالي 200 جنيها مصرياً وهو سعر قد يقل عن تكلفة “خروجة” سينمائية واحدة لشخصين). وفي الوقت الذي تتهاوى فيه أسهم استديوهات السينما ودور العرض في العالم بسبب الكورونا، قفزت اشتراكات “نتفليكس” الجديدة إلى 15.8 مليون خلال الربع الأول من عام 2020، وهو ضعف العدد المتوقع قبل جائحة الكورونا، ولكن “نتفليكس” تدرك أنها تسعى للنمو من خلال استراتيجية طويلة الأمد، ولا بأس من بعض الأرباح المفاجئة بسبب إقبال مشاهدي المنازل على متابعة الأفلام والمسلسلات أثناء فترة الحظر والتباعد الاجتماعي. وتجتهد “نتفليكس” في الوصول إلى قاعدة كبيرة ومتنوعة من المشاهدين المصريين والعرب، وقد أضافت لمكتبة مشاهدي الشرق الأوسط الكثير من الأفلام المصرية الحديثة، وباقة من أهم أفلام “يوسف شاهين” المرممة حديثًا (التي لم يتمكن عشاق السينما من الأجيال الجديدة من مشاهدتها إلا في دار عرض واحدة “نصف تجارية” هي سينما “زاوية” بالقاهرة)، وأضافت أيضًا عددًا من المسرحيات التجارية المحبوبة بين قطاع جماهيري كبير مثل “مدرسة المشاغبين” و”العيال كبرت”.. تحاول “نتفليكس” أن تكون بديلاً للتليفزيون في حياة المصريين.

التاريخ والمستقبل

بداية التليفزيون في مصر كانت عام 1960 وكانت علاقته بالسينما متحفظة، فالتليفزيون مشروع قومي للدولة، وجزء من أدواتها الدعائية السياسية بالإضافة إلى الترفيه المجاني، وقد نجح في جذب جمهور كبير إلى شاشته الصغيرة، لكن ظلت قاعة العرض السينمائى هى المكان الأكثر إبهاراً وملائمة لمشاهدة الفيلم السينمائي. وحتى حينما بدأ التليفزيون يُنتج أفلامه الخاصة لم تتأثر السينما، وكان كبار النجوم والمخرجين والكتاب مجرد ضيوف في التليفزيون، وبيتهم الحقيقي قاعات السينما، حيث يذهب الجمهور إليهم وليس العكس. ولا تزال تلك الفكرة مهيمنة على أعداء المنصات الرقمية اليوم داخل قطاع صناعة السينما.

الدراما الأصلية كانت جذابة وتقدمية في مرحلة بدايات التليفزيون المصري، وقدمت مسلسلات قصيرة مصورة بكاميرا السينما، وركزت على نوعيات درامية مختلفة عن السائد، منها مثلاً دراما الرعب والإثارة “القط الأسود” (1964)، والدراما النفسية “العسل المُر” (1966)، ومسلسل “العنكبوت” (1973)، وهو اقتباس لرواية للكاتب “مصطفى محمود”، ويتناول قصة طبيب يعيش حيوات متعددة في أزمنة مختلفة، وهذه التركيبة الدرامية تشبه إلى حد ما اختيار “نتفليكس” لفكرة أول مسلسل مصري أصلي تعرضه على منصتها، ويحمل عنوان “ما وراء الطبيعة” وهو مقتبس عن سلسلة روايات كتبها “أحمد خالد توفيق” عن مغامرات طبيب يدعى “رفعت إسماعيل” في عوالم الخرافات والأساطير الغامضة، والمقرر عرضه في الخامس من نوفمبر.

نجح قطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة والتليفزيون المصري عام 1996 في التعاقد مع نجم سينمائي كبير هو “أحمد زكي” على بطولة فيلم الدراما السياسية “ناصر 56″، وعُرض الفيلم في قاعات السينما قبل عرضه في التليفزيون، وتلك الآلية تشبه تقريبًا ما تقوم به حاليًا منصة “نتفليكس”، وغرضها في ذلك إتاحة الفرصة لأفلامها للترشح للمهرجانات، التي تشترط أغلبها عرض الأفلام المنافسة في “قاعة عرض سينمائي” حتى ولو لأيام. غير أن قطاع التليفزيون الحكومي، رغم تفكيره خارج الصندوق أحيانًا، لم ينجح في منافسة القنوات الخاصة، ومؤخرًا حظيت منصة “Watchit” المدفوعة بحق عرض أهم مسلسلات وأفلام قناة “ماسبيرو زمان” المفتوحة التي تعرض تراث التليفزيون، وتحظى القناة التابعة للتليفزيون المصري بنسب مشاهدة كبيرة، وما حدث يشير إلى أن المشاهدة المجانية بدأها التليفزيون عام 1960 كفكرة اشتراكية تنقرض في زمن المنصات الرقمية والاقتصاد السوق المفتوح.

الملصق الدعائي لمسلسل “ما وراء الطبيعة” من إنتاج نتفليكس.

“منصة “نتفليكس” هى وحدها من سمحت لنا بصناعة فيلم “الأيرلندي” The Irishman كما نريد، وسأظل ممتناً لهم أبدُا”، هكذا كتب “مارتن سكورسيزي” في مقال نشره في “نيويورك تايمز” نهاية العام الماضي ممتناً للمنصة التي منحته 159 مليون دولار لإنتاج فيلمه. ولم تبخل المنصة على إنتاج أول مسلسل مصري أيضاً، وهذا ما نراه في تصريح المنتج “محمد حفظي” الذي يشارك “نتفليكس” إنتاج مسلسل “ما وراء الطبيعة” حيث يرى أن المسلسل فرصة لتقديم دراما مصرية بمواصفات عالمية، تتضمن استخدام تقنيات متطورة لتنفيذ خدع ومؤثرات مشاهد الأحداث الخارقة للطبيعة، ويشاركه مخرج المسلسل والمنتج المنفذ “عمرو سلامة” نفس الحماس، ويأمل في تحويل قصص “ما وراء الطبيعة” إلى مسلسل عالمي يشاهده جمهور 190 دولة حول العالم. وربما لم يكن ليأمل في الخروج من السوق المحلي لولا الفرص التي تتيحها له “نتفليكس”.

“حفظي” و”سلامة” كسرا حاجز الإنتاج الدرامي المحلي للمسلسل، ولكن الأمر لم يصل بعد لصناعة فيلم سينمائي أصلي لنتفليكس أو منصة أخرى. وقد تقاوم شركات الإنتاج والتوزيع محاولات المنصات الرقمية سحب البساط من تحت أقدامها، ولكن الوضع يختلف كثيراً مع المسلسلات، وقبل “نتفليكس” أنتجت منصات رقمية عربية مثل “شاهد”، و”Watchit” مسلسلاتها الأصلية، وستكون المنافسة بين الجميع على الجمهور.

“انتاج الأفلام حصرياً للمنصات الرقمية سلاح ذو حدين، فقد يؤدي إلى تقليل عدد الأفلام المعروضة سينمائيًّا وهو بالتأكيد ما لا يتمناه أي من الصناع”، هكذا تعتقد كاتبة السيناريو “مريم نعوم”. وتضيف: “جيلنا عرف الأفلام التلفزيونية ومنها أفلام كتبها كبار كتاب السيناريو. وبالتالي فإذا اعتبرنا المنصة هي التطور التكنولوچي للقناة التلفزيونية، فالأمر ليس جديدًا ولا مستغربًا”. ولكنها تستدرك: “فعليًّا بعض الأفلام قد يناسبها العرض على المنصات لتستمر صناعة الأفلام”.

سوف تتعافي صناعة السينما من أزمة الكورونا، وستعود دورة الإنتاج خلال شهور أو سنوات، ولكن لا أظن أن يحدث الأمر نفسه مع قاعات العرض، ولأن طبيعة بدائل العرض الحديثة التطور السريع، والمسلسلات التليفزيونية تشهد ازدهارًا كبيرًا، فسوف تستولي المنصات الرقمية على قدر كبير من مساحة العرض المخصصة لدور العرض، وسوف يزيد هذا من حالة ركود وانكماش سلاسل العرض السينمائي، وسيحتاج الأمر إلى مزيد من الأفكار الترويجية الإبداعية لإعادة الفيلم إلى قاعات العرض بكثافة، وحتى يحدث هذا ستقود المنصات الرقمية الحقبة القادمة.